التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 166 - الجزء 7

  فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ٢٧ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ


  {قُلْ} يا محمد، وهنا ملاحظة للفرق بين السؤال والجواب فسؤالهم موجَّه إلى رسول الله ÷ ومن معه لأن السائلين لا يفرقون بين الرسول ومن معه لإنكارهم الرسالة فجعلوهم سواء في إثبات الوعد، وجاء الجواب من اللّه تعالى مبدوءاً بـ {قُلْ} ولم يقل: قولوا؛ لأن محمداً ÷ هو الرسول المبلغ الأول للوعد، أما الذين معه فهم أتباعه المؤمنون برسالته وإنذاره وتبشيره.

  {إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} فلا أعلم إلا ما علمني، وحينئذ فلا تلازم بين العلم بما وعد اللّه والعلم متى يكون، لأن اللّه أعلمني ما وعد ولم يعلمني متى يكون {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} فقد أديت مهمتي وليس يجب علي ما اقترحتم؛ لأنه خارج عن واجبي، والمبين: الذي صدقته الآيات الدالة على صدقه وجاء بها دالة على صدق إنذاره، فأبان بها صدق إنذاره الواضح البين المفهوم، فهو {مُبِينٌ} من حيث وضوح إنذاره وتيسر فهمه، ومن حيث وضوح صدقه في إنذاره بما أبان لهم من الحجة.

  (٢٧) {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} {فَلَمَّا رَأَوْهُ} فلما رأوا ما وعد الله {زُلْفَةً} قريباً حولهم حين جاءت القيامة وأهوالها، كأنه قيل: استعجلوا العذاب بقولهم: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} لأنها كلمة يقولها من استبطأ الشيء، فإذا جاء الوعد اختلفت حالتهم.

  فلما رأوه حولهم {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} يظهر الخوف والفزع الذي في قلوبهم بأثره في وجوههم فأسند إلى الوجوه.