التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 167 - الجزء 7

  الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٨ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٩ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ٣٠


  وفي (تفسير الإمام الهادي #): «ومعنى {وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} هم الكافرون أنفسهم، لا أن السوء نزل بالوجوه دون الأبدان، بل الوجوه والأبدان وسائر جميع أعضاء الإنسان، ومن ذلك ما تقول العرب في أشعارها:

  إني بوجه اللّه من شر البشر ... أعوذ من لم يُعِذِ اللّه دمر

  فقال: بوجه الله، وإنما أراد اللّه، كذلك قوله سبحانه: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي سيء الذين كفروا أي نزل بهم السوء والبلاء عند معاينتهم للعذاب والشقاء» انتهى.

  وقوله تعالى: {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} إخبار بتبكيتهم وتقريعهم حين يرون ما يوعدون ويندمون على تكذيبهم به واستعجالهم به ليزدادوا ندماً وتحسراً وألماً، ومعنى {تَدَّعُونَ} تطلبون، كما قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}⁣[يس: ٥٧] وفي الآية دلالة على ثبوت حكم الإلزام الصحيح؛ لأنهم جعلوا مطالبين به، لأن استعجالهم به كان معلقاً على شرط يجحدون وقوعه وهو صدق الوعد كأنهم قالوا: ائتوا به إن كنتم صادقين، فلما كان الشرط واقعاً وهو أنهم صادقون لزمهم أنهم قد طالبوا به ولم ينفعهم جحدهم بوقوع الشرط ونظيره في الفقه في أن الغلط ليس عذراً قول أمير المؤمنين #: «من حلف بالطلاق ثم حنث ناسياً لزمه الطلاق».

  (٢٨) {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} لا يغنيكم ولا ينفعكم ولا يضركم إهلاكنا أو رحمتنا،