سورة القلم
  يَسْتَثْنُونَ ١٨ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ١٩ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ٢٠ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ٢١ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
  (١٧ - ١٨) {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ} {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} {بَلَوْنَاهُمْ} اختبرناهم كما اختبرنا {أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} اختبرهم سبحانه وهو أعلم بهم من أنفسهم، والاختبار يكون بالنعمة ليظهر الشاكر ومن لا يشكر، ويكون بالشر ليظهر الصابر الراضي بقضاء اللّه من ضده، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥] والضمير في {بَلَوْنَاهُمْ} للمكذبين؛ لأنه سبق ذكرهم في قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} إلى قوله تعالى: {.. فَيُدْهِنُونَ} وهم من قريش، كما ذكر الإمام الهادي # في تفسير {بَلَوْنَاهُمْ}.
  ويحتمل: عوده إلى الأقرب {كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ ..} إلى آخر الصفات، ولعل وجه التشبيه: أن اللّه تعالى مكن المذكورين من قريش بحيث ظنوا أن الغلبة لهم ضد رسول الله ÷ وطغوا، مع أن حالهم ينكشف وتذهب قوتهم وتصير كأن لم تكن، وذلك في نهاية المعركة يوم (بدر) فإن كانت هذه نزلت بعد يوم بدر فالشبه ظاهر من حين نزلت، وإن كانت الآية نزلت قبل يوم (بدر) فهي مبشرة بتحول حالهم وخيبة آمالهم كما تحولت حال أصحاب هذه الجنة المذكورة وخاب أملهم، وهذه الجنة زرع كثيف كان لأناس حول (صنعاء) ولعل حرثها، ومكانها هو الذي يسمى الآن (الجنات) على طريق (صعدة).
  {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} أذكر قصتهم، وقوله تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا} بمعنى حين أقسموا أي حلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا} ليقطعن ثمرها، هكذا فسره الإمام الهادي #، وأفاد مثله (صاحب الكشاف) وأفاد: أنه معنى الحصاد وهو الظاهر؛ لأن غرضهم أخذ الثمر ومنع المساكين.