التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحاقة

صفحة 202 - الجزء 7

  ١٢ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ١٣ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ١٤ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ١٥ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ١٦


  (١٠) {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ} رسول في معنى الجمع، والمعنى: أن هؤلاء المذكورين جاءوا بالمعاصي والمنكرات، فأرسل اللّه إليهم {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}⁣[النساء: ١٦٥] فعصوا رسول ربهم بعد أن جاءوهم بالبينات فأبوا إلا التكذيب {فَأَخَذَهُمْ} ربهم المالك لهم المنعم عليهم {أَخْذَةً رَابِيَةً} بطشة بالغة في الشدة زائدة على بعض البطشات.

  (١١) {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} كثر وتجاوز الحد، كما قال تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ۝ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}⁣[القمر: ١١ - ١٢] {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} أي حملنا هذا الجنس البشري بأن حملنا مع نوح أولاده المؤمنين فكانوا آباء البشر الباقين، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}⁣[الصافات: ٧٧] فكان حمل الآباء نعمة للذرية فاعتبر حمل الآباء حملاً للأبناء، من حيث أن وجودهم توقف على حمل الآباء في الجارية أي سفينة نوح # التي تجري بهم في موج كالجبال.

  (١٢ - ١٣) {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ۝ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} آية ودليلاً تعرفون به اللّه وصدق الرسالة لرسوله نوح #، وتعرفون به ما دلت عليه السفينة والهداية إليها، {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} أي تعي هذه التذكرة وتحفظها ولا تنساها أذن سمعت التذكرة فوعتها؛ لأنها {وَاعِيَةٌ} لآيات اللّه حافظة لتذكيره.