التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحاقة

صفحة 204 - الجزء 7

  


  والدلالة في التفريع بـ (الفاء) ورواية بريدة نقلهما ابن جرير بأسانيدهما من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم، ولعله من (تفسيره) والتقى السندان في الرواية الأولى في علي بن حوشب، وفي الثانية في بشر بن آدم، وقال في سنده: «حدثنا عبد اللّه بن الزبير أبو محمد، يعني والد أبي أحمد الزبيري» انتهى.

  وقد بسط في الروايات المماثلة لهما في (شواهد التنزيل) وفي تعليقه زيادات، وفيها عن علي #، وجابر، وابن عباس، وأنس، ولا تعارض بين تفسير الآية بالعموم لكل مؤمن حافظ عامل، وبين نزولها في علي، وكونه من معناها داخلاً فيها دخولاً أولياً.

  وهذه السفينة آية متوارثة في الأجيال، فقوله تعالى: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} يفيد: أنها آية للمخاطبين، وقد قال تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}⁣[العنكبوت: ١٥] وفي ذكر العذاب النازل بالأولين الذين كذبوا الرسل تذكير بأن اللّه تعالى لم يهمل عباده، وأنه لابد من الجزاء لأنه لو كان لا يجزي الظالمين لما عاقب الأولين؛ لأن الأولين والآخرين كلهم عباده، وليس غافلاً عما يعمل الظالمون، فذكر العذاب العاجل إنذار للسامعين من العاجل والآجل ولذلك اقترن بالحاقة وتهويلها ذكر ثمود وعاد.

  ثم رجع الكلام إلى ذكر القيامة، فقال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} الذي يظهر: أن هذه كناية عن الصيحة المذكورة في قوله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}⁣[ق: ٤٢] وقوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}⁣[القمر: ٦] وقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}⁣[الروم: ٢٥].