سورة الحاقة
  
  أو أنها صيحة قبلها مهلكة؛ لأن اللّه تعالى قال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: ٦٨] وهذا أظهر، أي أنها الصيحة الأولى، لعطف قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} إلى آخر الآيتين.
  فأما الإمام الهادي # وغيره من أئمتنا فقد فسروا هذه وأمثالها: بالنفخ في (الصوَر) بفتح (الواو).
  قال الإمام أحمد بن سليمان في (حقائق المعرفة): «وقد اختلف في قول اللّه تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}[الكهف: ٩٩] فقيل معناها: ونفخ في الصوَر، وروي عن ابن عباس أنه قال: الصور: قرن ينفخ فيه إسرافيل #، وعندنا أنه صوت يحدثه اللّه تعالى يفزع منه من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه ... إلى قوله #: فصح أنه صوت يسمعه السامعون» انتهى.
  (١٤) {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} في (تفسير محمد بن القاسم بن إبراهيم $) لـ (سورة الفجر): «ودك المدكوك: فهو تكسيره وتحطيمه ودق بعضه ببعض وتهشيمه، وذلك حين تدك الأرض بالجبال فتصير الجبال كالكثيب المنهال قال اللّه تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}» انتهى من (المصابيح).
  ولا مانع من حمل قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} على ظاهره، فمعناه: أنه يحملهما مثلاً ملك واحد أو أكثر بما جعل اللّه من القدرة لحاملهما وبأمره سبحانه له أن يحملهما ليدكهما بأي طريقة أذن اللّه بها، ومعنى {دَكَّةً وَاحِدَةً} أنها متصلة لا تنقطع حتى تصير الجبال {كَثِيبًا مَهِيلاً}[المزمل: ١٤] مثل كثيب الرمل المجتمع الذي ينهال من موضع إلى غيره