التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحاقة

صفحة 210 - الجزء 7

  الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ٢٦ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ


  (٢١) {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي هذا الذي {أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} ترتبت العيشة الراضية على إيتائه كتابه بيمينه؛ لكونه عنوانها وعلامتها، و (العيشة): حياته الآخرة، و (الراضية): المرضية لما فيها من السعادة، ويحتمل إسناد الرضى إلى الحياة كما يسند إلى النفس، فنفسه راضية بسعادتها وسلامتها من كل شر.

  (٢٢ - ٢٣) {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ۝ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} هي الجنة التي وعد المتقون والعالية رفيعة القدر أو أشجارها {عَالِيَةٍ} كقوله تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}⁣[ق: ١٠] أي طوال ويؤيد هذا عطف قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} فالأشجار عالية ولكن تتدلى قطوفها حتى تؤخذ بسهولة كقوله تعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً}⁣[الإنسان: ١٤] والقطوف: الثمار التي تؤكل.

  (٢٤) {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أي يقال لهم هذا القول تكرمة لهم، قال الراغب في (مفرداته): «الهنيء: كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة» انتهى، وأوضح منه هنا (تفسير الإمام الهادي #) حيث قال: «{هَنِيئًا} فمعناها: سليماً من كل آفة، لا أذى فيها ولا مخافة في أكله على آكله، لا يخالف طباع آكله ولا يخالف إرادة متناوله» انتهى {بِمَا أَسْلَفْتُمْ} بما قدمتم في سالف الحياة الأولى {فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أيام الدنيا الماضية الخالية الفانية، قد ذهب العناء وبقي الجزاء، وهذا يؤدي لهم ويفيدهم السرور بعملهم السالف والكرامة بإعلامهم أنه جزاء لهم بما قدموا، وهي تفيد: سروراً عظيماً.