التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحاقة

صفحة 211 - الجزء 7

  ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ٢٩ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ٣٠ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ٣١ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ٣٢ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ٣٣


  (٢٥) {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} يجعل في يده الشمال من وراء ظهره {فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} لأنه كتاب جلب له الخوف والهم والحزن، فيتمنى أنه لم يؤته لأنه لم يجد منه مفراً ولم يتمكن من رفضه وجحده، فلم يكن منه إلا التمني للمستحيل.

  (٢٦) {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} لأنه رأى كتابه وقرأه فتذكر ما سعى، كقوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا} إلى قوله: {.. حَسِيبًا}⁣[الإسراء: ١٣ - ١٤] فقد حاسب نفسه بنفسه وعرف خسرانه، ولم يبق إلا الندامة والتمني الذي لا يفيده شيئاً، ولعل هذا الكتاب كتاب يقرؤه الأمي الذي لم يكن يكتب كما يقرؤه غيره، ويمكن أنه بمنزلة أفلام التلفزيون فهو يرى نفسه يعمل ما كان يعمل، فلا يبقى مجال للتجاهل ولا للإنكار - والله أعلم.

  (٢٧) {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} يا ليت هذه الحالة التي هو فيها من الندم والخوف والحزن نتيجة إيتائه كتابه {كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} عليه فمات ليتخلص بالموت عن العقاب المتوقع.

  (٢٨) {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} في (تفسير الإمام الهادي #): «لم يغن عني ما كنت أجمع من المال، ومعنى يغني عني: فهو يدفع عني شيئاً مما نالني فأقر في يوم الدين بأن الذي كان فيه في الدنيا غرور» انتهى.

  (٢٩) {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} قوتي التي كنت أغلب بها، كقوله تعالى: {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}⁣[القصص: ٣٥] {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}⁣[الإسراء: ٣٣] فهذا كقوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ}⁣[الطارق: ١٠] فهذه حاله بعدما يؤتى كتابه بشماله وينتهي حسابه، وبعد ذلك الجزاء الأوفى.