سورة الحاقة
  وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ٣٤ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ٣٥ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ٣٦ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ٣٧ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ٣٨ وَمَا
  (٣٠ - ٣١) {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} أمر من اللّه للملائكة أن يأخذوا هذا الشقي فيغلوه، والغل: أن تقيد يداه إلى رقبته {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} اجعلوه صالياً للجحيم أي للنار، والصلي: مباشرة جسده للنار فلا يباشر غيرها يفصل بينه وبينها، ولعل هذا معنى الحصر الذي يفيده تقديم الجحيم.
  (٣٢) {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} سلسلة من حديد تتحول في النار كالجمر طولها سبعون ذراعاً فاسلكوه ادخلوه فيها ضيقة، وقد حكى الإمام الهادي # الخلاف كيف يجعل فيها، ثم قال: «وأصح ذلك عندنا جعلها في أعناقهم؛ لأن اللّه سبحانه قد ذكر ذلك، فقال: {إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ}[غافر: ٧١]» انتهى، وإدخاله في السلسلة هو الأصل وإدخالها في عنقه مجاز مثل أدخلت الخاتم في أصبعي، ولعل استعمال الأصل هنا جاء لكبر السلسلة؛ لأنه يؤخذ ويجعل فيها بخلاف الخاتم في الأصبع.
  (٣٣) {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} فاستحق العذاب بترك الإيمان وبما اكتسبه من السيئات التي اقترفها؛ لأنه لم يكن له إيمان يردعه.
  (٣٤) {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} لأنه لا خير فيه ولا ميل إلى الخير؛ لأنه لا يرجو ثواباً لعدم الإيمان في قلبه، ولا يخشى عقاباً بترك الإطعام حيث يجب الإطعام للضرورة أو للرحامة أو من الزكاة أو إذا سأل المسكين؛ لقوله تعالى: {وَالسَّائِلِينَ}[البقرة: ١٧٧] أو هي عامة للمسكين السائل والمسكين المحروم فتدل على وجوب إطعامه مطلقاً سأل أو لم يسأل وهذا هو الراجح، وقد دخل في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ..} إلى قوله: {.. وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ}[البقرة: ١٧٧].