التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المعارج

صفحة 222 - الجزء 7

  مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ١٨ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ٢١ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ٢٢ الَّذِينَ


  (١٥ - ١٨) {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ۝ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ۝ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ۝ وَجَمَعَ فَأَوْعَى} {كَلَّا} زجر وردع للمجرم المتمني للافتداء، ودلالة على أنه لا تقبل منه فدية بالغة ما بلغت {إِنَّهَا} أي جهنم {لَظَى} نار تلظى وتتسعر وتلتهب، أو لظى اسم علم لجهنم لأنها تتلظى وهو الأقرب {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} لفرط حرها تنزع الشوى ولا تزال تنزعه، قال الإمام الهادي #: «والشوى: فهو الجلد، وقد قيل غير الجلد، وأحسن ما سمعنا فيه: أنه الجلد» انتهى.

  {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} حريصة على من أدبر وتولى لشدة غيظها عليه {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}⁣[الملك: ٨] {إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}⁣[الفرقان: ١٢] فكأنها تدعوه إليها، وفي كلام أمير المؤمنين #: «وهي تنادي إليّ بأهلي» فإن كان حقيقة فظاهر، وإن كان مجازاً فهو تمثيل لقوة إعدادها وتهيئتها لأعداء اللّه فحيث جعلها اللّه كذلك فلا مطمع في الافتداء و {مَنْ أَدْبَرَ} هو من أدبر عن دعوة اللّه في الدنيا وأعرض عنها حتى كأنه جعل الداعي خلفه {وَ} من {تَوَلَّى} من انصرف عنها وذهب. وجمع فأوعى: جمع المال وبخل به، كما هو شأن من لا يرجو ثواباً ولا يخشى عقاباً كالمكذب بالدين، وهذا قاطع لأمانيهم وظنهم أن اللّه كما أعطاهم في الدنيا يعطيهم في الآخرة {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}⁣[فصلت: ٥٠] فدل قوله تعالى: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} على ضد ما يتوهمون، هذا وفي (تفسير الإمام الهادي #): {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} يقول: جمع الذنوب وأحصاها فأوعاها، ومعنى أوعاها فهو جمعها كلها - والله أعلم.