سورة الجن
  
  قلت: ويمكن أن الرصد حرس يحفظونه لتبليغ الرسالة، ويدفعون عنه من يحاول منعه مع كتابتهم لعمله وإحصائهم لما يصدر عنه إذا جعلنا الرصد حقيقة، فأما المجاز على كلام الإمام الهادي # فهو واضح في تأدية هذا المعنى.
  (٢٨) {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} أي ليبلغوا الغيب الذي أرسلوا به، فإذا أبلغوا علم أن قد أبلغوا وأعد لهم ثواب ذلك ولمن اتبعهم، وتمت حجته على من عصاهم، وأعدّ لهم عذابه لأنه قد هلك من هلك عن بينة وحي من حي عن بينة.
  {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} علمه كله لم يخف عليه منه شيء فاختباره لعباده ليس لجهل بما يكون منهم {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ} من أعمال الرسل والمرسل إليهم وغيرها أحصاها {عَدَدًا} لإحاطة علمه بالجمل والتفاصيل والأعداد.
  وفي الآية دلالة على أن الناس لا يعلمون من الغيب إلا ما بلغتهم الرسل، ولا يعلم الرسل منه إلا ما أرسلهم اللّه به فعلمهم ليبلغوه، فصارت دعوى من يدعي علم الغيب لبعض الأئمة أو الشيوخ دعوى مردودة، ومن روى في ذلك رواية غير متواترة ولا دل القرآن على قبولها فهي مردودة وزعمه أنها في الفضائل لا يترتب عليها عمل، فلا يشترط في قبولها الصحة زعم مردود؛ لأنها مخالفة للقرآن لا يخصص بها، فكيف صح العدول عن القرآن من أجلها؟!
  مع أن قوله: لا يترتب عليها عمل مردود، فقد ترتب عليها دعاءهم للأئمة وخوفهم ورجاؤهم ومراقبتهم في الأعمال، وترتب عليها الحكم