التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المزمل

صفحة 266 - الجزء 7

  إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ٩ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ١١ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا


  ويحتمل: أن {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} تمتد إلى النصف ولا تختص وقت العشاء، وهذا أقرب لأنه لا دليل على تحديدها بساعة أو ساعتين، وعلى هذا: فهي معظم وقت القيام.

  فإن قيل: فالتفضيل في قوله تعالى: {هِيَ أَشَدُّ} تفضيل على أي وقت؟

  قلت: يحتمل أنه تفضيل على وقت صلاة النهار أو صلاة الظهر؛ لأنها وإن كانت في وقت راحة من نصب الأعمال فليست مثل ناشئة الليل.

  (٧) {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} فراغاً كبيراً تقضي فيه أعمالك، وقال الإمام الهادي #: «يريد سبحانه بقوله: {سَبْحًا طَوِيلًا} أي فراغاً كبيراً ووقتاً يصلح لما تريد أن تشتغل به عن فرض صلاة ليلك في أوله حتى لا تؤخرها إلى آخره» انتهى المراد، قلت: ولعل من أعظم شغله تبليغ الرسالة وما يتبعه من الحركات.

  (٨) {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} أي في الركوع والسجود في صلاة الليل والتشهد والدعاء، وتعليق الذكر بالاسم يدل على أن المراد: الذكر بالقول.

  {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} قال الإمام الهادي #: «ومعنى {تَبَتَّلْ} فهو: تفرغ له وانقطع إليه واستسلم بكليتك في يديه، وتفرغ لعبادته ونفاذ أمره، وفي ذلك ما تقول العرب: فلان متبتل، تريد: أي متفرغ لعبادة اللّه لا يشرك في خدمته مع اللّه أحداً لا نفساً ولا والداً ولا ولداً {تَبْتِيلًا} فمعناه: انقطع إليه يا محمد بكليتك انقطاعاً باتاً ثابتاً» انتهى.

  (٩) {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} المالك لهما المتولي لاطلاع الشمس والقمر والنجوم من المشرق