سورة المزمل
  
  وأفولها من المغرب، وفي ذلك الآيات العظيمة الدالة على قدرته وعلمه وفضله على عباده ونعمته {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} لا معبود بحق إلا هو، فهو المستحق للعبادة لأنه المالك المنعم {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} تتكل عليه، قال الإمام الهادي #: «يقول: فاجعله كافياً لأن الوكيل في لسان العرب: هو الكافي، فقال سبحانه: اجعل ربك لك كافياً، واتكل عليه معيناً وعاضداً» انتهى.
  قلت: يعني أنه يكفيه مهماته التي لا يستطيعها ولم يكلف بها، مثل دفع المكذبين له وحمايته، ومثل إعانته على تبليغ الرسالة، وتيسير أسباب ذلك وتيسير الأنصار وغير ذلك، وفي هذا تشجيع له على القيام بمهماته التي كلف بها.
  (١٠) {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} مما يؤذيك من تكذيبهم لك وغيره، فلا تعجل على مقاومة متكلم أو ترد عليه بمثل كلامه، أو تعجل على قتالهم قبل أوانه، أو على مهاجرتهم قبل أن يؤذن لك {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} بالإعراض عنهم وترك مجالستهم، إلا حال التبليغ في محله، مع المداراة بالكلمة الطيبة، وترك الذم والسباب حال غيابهم.
  (١١) {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} {ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ} خلني وإياهم، أي دعني أنفرد بعقابهم فأنا أكفيكهم {أُولِي النَّعْمَةِ} أهل المال الواسع والنعم الوافرة التي وجب عليهم شكرها فكفروا واستكبروا {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} أي قليلاً من الوقت حتى تتم الحجة عليهم ويسلم من كان يسلم في مدة الإمهال حتى يأذن اللّه بقتال الكافرين المحاربين للدين ثم يصيرون إلى ما أعد لهم في الآخرة، وبينه بقوله تعالى: