التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 320 - الجزء 7

  وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ١١ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ١٣ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ


  (١١) {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} (وقاهم): أنجاهم من {شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} الذي هو يوم القيامة العبوس القمطرير، {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً} جعلها في أجسادهم أي جمالاً وبهجة وحسناً يؤدي إليه سرورهم واستبشارهم فاجتمع لهم نضرة الوجوه والأبدان وسرور القلوب، والتعبير بقوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ} يشعر: بأنه جعل لهم ذلك يوم يلقونه، كقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ}⁣[الأحزاب: ٤٤] فهو تقدمة لكرامتهم وعنوان لها.

  (١٢) {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} {بِمَا صَبَرُوا} في الدنيا على ما ابتلاهم به، وعلى التكاليف الشاقة، وعلى الإيثار على أنفسهم فهو صبر كان قرين حياتهم الدنيا التي طالما لاقوا فيها العناء والأذى والمنغصات من الفتن التي مالت بالناس، مع حرصهم على قوة الدين والمنغصات الأخرى من تخاذل الناس عن نصرتهم، وتثاقل الناس عن طاعتهم، حتى قال أمير المؤمنين # كما في (نهج البلاغة): «لقد ملأتم صدري قيحاً» فجزاهم اللّه الجنة بما فيها من النعيم.

  وقوله تعالى: {وَحَرِيرًا} ابتداء لوصف ما في الجنة، ولعل (الحرير) هنا فراشهم ونحوه، أما (اللباس) فيأتي في قوله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ ..} الآية.

  (١٣) {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} الاتكاء: الميل بالبدن معتمداً على المرفق، أو هو أعم من أن يكون على المرفق بأن يكون على اليد أو على الجنب، قال الإمام الهادي #: «والاتكاء: فهو الميلان يميناً ويساراً» وقال #: «والاتكاء: فهو ضرب من الاضطجاع، وهو ما كان من الاتكاء على جانب».