التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 322 - الجزء 7

  ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ١٤ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ١٥ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ١٦ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا


  وقوله تعالى: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} يدل على أنه لا يؤذيهم حر شمس ولا برد ولا ينافي هذا وجود شمس، و (الزمهرير) البرد الشديد كما أفاده الإمام الهادي #.

  (١٤) {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} ظلال الجنة: ظلال شجرها الكبار الباسقة، وعلى هذا يكون كظلال السحاب فلا يرون شمساً لدنوّ ظلالها عليهم ففي الكلام دلالة على سلامتهم من الحر والقَرّ، وعلى عظم أشجار تظلهم، وقد روي في قوله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}⁣[الواقعة: ٣٠] «في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام» أو كما قال، والظاهر من هذه الآية: أن هناك شمساً تحجبها الشجر.

  {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} أي ذللت ثمارها التي تقطف، أي سهِّل تناولها وقطعها تسهيلاً، فلا يجد القاطف لها أي مشقة في قطفها لقربها وسهولة قطفها، قال تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ۝ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}⁣[الحاقة: ٢٢ - ٢٣]. وقال الإمام الهادي #: «ولا أحسب - والله أعلم - أن اللّه عنى بهذا الظلال في هذا الموضع إلا ظلال الأشجار الدانية والثمار المتهدلة» انتهى.

  قلت: فيكون المعنى: أنهم إذا خرجوا من الدور أو من الغرف أظلتهم الشجر للدلالة على دوام ظل الشجر وعمومه حيث كانوا خارج القصور، كما قال تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}⁣[الرعد: ٣٥] فالمعنى: متكئين على الأرائك في حال ودانية عليهم ظلالها في حال، أما دنو القطوف فيحتمل: أنها تثقل عند كمالها ونضجها حتى تميل بالغصون إلى أسفل، وبذلك تقرب من قاطفها، كما يشير إليه قول الإمام الهادي #: «والثمار المتهدلة».