التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 323 - الجزء 7

  


  ويدل عليه وصفها في سورتين بأنها {دَانِيَةٌ} بالجملة الإسمية الدالة على الاستمرار، ويحتمل: أنها تدنو لقاطفها وتدلَّى إليه كما روي، والأولى - إن صح الحديث - الجمع بين الأمرين، فهي دانية بتهدّلها بعض الدنو.

  وفائدة وصفها به: أن لا يتوهم من علو الشجر وارتفاعها بُعد الثمر كما في الدنيا، بل تدنو عند القطف مساعدة لقاطفها - والله أعلم - لأنها قد {وَذُلِّلَتْ} فلا تصعب بل تنقاد لأمره.

  (١٥) {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} يجاء بالآنية تعرض عليهم ليأكلوا مما فيها أو يشربوا و (الآنية) الأوعية من الصحاف وغيرها، وفي هذا دلالة على الثروة العظيمة وزيادة النعيم حيث آنيتهم {مِنْ فِضَّةٍ} دلالة على تكريمهم حيث يطاف بها عليهم كالأضياف، والأكواب التي يشرب بها معروفة، لكنها في الدنيا تكون من الزجاج أو نحوه، أما في الجنة فلها نسبتان نسبة إلى (الفضة) ونسبة إلى (القوارير) أي الزجاج، فله قوة الفضة ومرونتها، وله صفاء الزجاج وشفافيته.

  (١٦) {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} قدروا هذه الآنية تقديراً حسناً جميلاً، وتقدير الآنية: إما تقدير كبرها وصغرها وشكلها على ما يطابق أغراضهم؛ لأن هذا زيادة في حسن الآنية، والمقدرون لها إما الولدان وإما أهل الجنة، أي يأمرون بصنعتها كما يشاءون، أو يطلبون وجودها كما يرغبون، وإما تقدير إحضارها لدى أهل الجنة، والتقدير إما من أهل الجنة وإما من الولدان، والأول أرجح عندي: أن تقدير الآنية طلب أن تكون في كبرها وصغرها وهيئاتها كما يشاءون.