التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 324 - الجزء 7

  كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ١٧ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ١٨ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ١٩ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ


  (١٧) {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} والأقرب: أنه كأس خمر مزجت بالزنجبيل فطابت رائحته وطعمه، ولا شك أنه زنجبيل أفضل من زنجبيل الدنيا، وزنجبيل الدنيا متفاضل فزنجبيل هذه البلاد الرطب يكون لذيذاً جداً، ولا موجب للتأويل وحمله على طعم الزنجبيل ورائحته دون وجود الزنجبيل وكذلك الكافور.

  (١٨) {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} تبيين للكأس أي لما في الكأس كقوله تعالى: {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}⁣[الواقعة: ١٨] وفي قوله تعالى: {فِيهَا} إشارة إلى زيادة حسن هذه العين، من حيث أنها لكونها في الجنة تكون أحسن مما في الدنيا وكذلك قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا} تفيد: أن الشراب هنيء لذيذ من حيث أنه في الجنة، قال الإمام الهادي # في قول اللّه تعالى: {سَلْسَبِيلاً}: «هو اسم لتلك العين، ومعناه: العذب الطيب السلس المدخل المري الغذاء» انتهى.

  (١٩) {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} (الولدان): هم الخدم، وقوله تعالى: {مُخَلَّدُونَ} الأقرب عندي في معناه: أنهم لا يمرضون ولا يلحقهم تنغيص، فهم نظاف مما قد يكون في الخدم من الزكام والسعال والبخر، سليمون من المرض الذي يمنعهم من الخدمة أو يثقلها عليهم، سليمون من القلق والنزق، فهم يخدمون بنشاط وحسن أخلاق وطيب نفوس، واستعمال (مخلد) بمعنى المحفوظ من الآفات والمصائب ظاهر في قول امرئ القيس:

  ألا عم صباحاً أي الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي

  وهل يعمن إلا سعيد مخلد ... قليل هموم ما يبيت بأوجال