التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 327 - الجزء 7

  سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ٢٢ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ٢٣ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ٢٤ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً


  وفائدة أخرى: أن لا يوهم أنهم يجمعون بينهما في اللبس، بل يلبسون الفضة وحدها، والذهب وحده؛ لأنه أوفق لجمالهم ونضارة أجسادهم، وأما اللؤلؤ: فهو من الحلية - والله أعلم - بموضعه.

  وفي قوله تعالى: {وَحُلُّوا} وفي (الحج): {يُحَلَّوْنَ} وكذا في (فاطر) دون (يتحلون) كما قيل في اللباس {يَلْبَسُونَ} {وَلِبَاسُهُمْ} و {عَالِيَهُمْ} وخصت الحلية بهذا الفعل المغير الصيغة لأمرٍ ما؛ لأنها تفيد: أن غيرهم حلاّهم ويحلّيهم، ولعلهم الخدم بأمر اللّه تعالى.

  {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} هذا الشراب لا يتعين أنه الخمر، وقد قال تعالى في العسل: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}⁣[النحل: ٦٩] وقال في اللبن: {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}⁣[النحل: ٦٦] فالشراب يكون {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} و {مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} و {مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} و {مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}⁣[محمد: ١٥] وطهارته: نظافته الكاملة، وإسناد السقي إلى ربهم، إما للدلالة على رحمته لهم وكرامتهم عنده، وإما لأن من الشراب الخمر الذي يشرب في الدنيا مع تحريم اللّه له فيشربونه دون أن يسقيهم إياه، أما في الجنة فهو الذي يسقي عباده الخمر وغيره يقول لهم: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا}

  (٢٢) {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} {إِنَّ هَذَا} أي نعيم الجنة وملكها وشرابها ولباسها وحليها {كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} وفي هذا القول تكرمة لهم عظيمة، ولذّة تصغر عندها لذات أخر، ومن كرم اللّه يشكرهم على عبادتهم له وصبرهم، وهم عبدوه شكراً له على نعمه التي ابتدأهم بها تفضلاً.