التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المرسلات

صفحة 341 - الجزء 7

  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٩ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ٢١ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ٢٣ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ


  (١٩) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} كالنتيجة للدلالة عليه بقوله: {أَلَمْ نُهْلِكِ}.

  (٢٠ - ٢١) {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ۝ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} وهذا احتجاج آخر على المكذبين؛ لأنهم يعتمدون في تكذيبهم على استبعاد إحياء من كان عظاماً ورفاتاً، فجمع هنا دليلين على قدرته تعالى، وإبطال استبعادهم، وهما ما قد فصله تعالى في (سورة الحج) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ..} إلى قوله تعالى: {.. ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً}⁣[آية: ٥] ولكنه أوجزهما هنا وساقهما مساق دليل واحد.

  وقوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} جواب وحده، كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ۝ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً ..} الآية [القيامة: ٣٦ - ٣٧]، وقوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} دليل آخر باعتبار حفظ الماء المهين الذي شأنه أن ينزلق لولا حفظه له، بجعل مقره مكيناً يصلح لحفظه من الانزلاق، إلا أن يأذن اللّه به، فقد تكون المرأة خائفة من الحمل كارهة له تود لو يخرج ولكن يبقى في بطنها على كرهها لبقائه، وذلك لأن اللّه جعل مقره ينغلق عليه حتى كأن عليه قفلاً أقفل مجراه الذي دخل منه.

  قال الإمام الهادي #: «والمهين: فهو القليل اليسير الذليل الضعيف الحقير» انتهى، والقرار يصلح أن يكون مصدر (قرّ) أي استقر أي في حال استقرار {مَكِينٍ} أي مكين صاحبه مثل: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}⁣[الحاقة: ٢١] والأقرب عندي: أن القرار هو المستقر - بفتح القاف - كقوله تعالى: {أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا}⁣[النمل: ٦١].