التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النبأ

صفحة 353 - الجزء 7

  بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا ١٥ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ١٦ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ١٧ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ١٨ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا


  (١٤) {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} أي أنزلنا من السحاب التي فيها الماء أنزلنا المطر، قال الإمام الهادي #: في {الْمُعْصِرَاتِ}: «فسمين لحبسهن ما فيهن من الماء وإمساكهنّ له معصرات» وقوله تعالى: {ثَجَّاجًا} أي قوي الوقوع في الأرض لغزارته، بحيث يضرب ما لاقاه ضرباً؛ لأن اللّه أرسله لسقي الأرض فهي تحتاج إلى الماء الكثير.

  (١٥ - ١٦) {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا ۝ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} أي أنزلنا هذا المطر {لِنُخْرِجَ بِهِ} رزقكم ورزق أنعامكم {حَبًّا وَنَبَاتًا} ومرعى وأشجاراً نافعة لكم {وَجَنَّاتٍ} بساتين من الفواكه وزروعاً كثيفة {أَلْفَافًا} يلتف بعضها إلى بعض لكثرة فروعها وطولها وتمددها، بحيث تتلاقى في الهواء.

  قال الإمام الهادي #: «وكل ما ذكر اللّه سبحانه من قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ۝ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ۝ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ۝ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ۝ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ۝ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ۝ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} إلى قوله: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} فإنما أراد اللّه تبارك وتعالى بذكر ما ذكر من هذا احتجاجاً على المكذبين بالنبأ العظيم، بما جعل من ذلك كله، وركّب فيه من الدلائل الدالة عليه سبحانه، والشاهدات على تصديق النبأ العظيم الذي هم في تصنيف الكذب به مختلفون ..» إلى آخر كلامه #.

  (١٧) {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} موضع ذكر هذه الآية الكريمة بعد الآيات الماضية يشبه موضع النتيجة بعد البرهان، و {يَوْمَ الْفَصْلِ} يوم القيامة؛ لأنه يوم يفصل اللّه فيه بين المحق والمبطل، والظالم والمظلوم، ويحكم اللّه بين العباد فيه.