التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النبأ

صفحة 361 - الجزء 7

  


  والكذَّاب - بتشديد الذال - التكذيب، كقوله تعالى: {لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ}⁣[الطور: ٢٣] وأما كذاباً بالتخفيف فالأنسب، لقوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ} أنه الكذب، وهو كقوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}⁣[الحج: ٢٤] قال تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}⁣[التوبة: ٩٠] قال الراغب: «يقال: كذبه كذباً وكذاباً».

  (٣٦) {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} أي هذا النعيم الذي ذكره لأهل الجنة، وصفه بأنه {جَزَاءً} لهم بما صبروا في الدنيا {عَطَاءً} أعطاهم اللّه {حِسَابًا} أي بقدر أعمالهم في الدنيا، فتختلف لذلك درجاتهم في الجنة لتفاوت حسابهم.

  وقال الإمام الهادي #: «{حِسَابًا} يقول: عطاء كثيراً، إن حسب كثر حسابه، وإن عدّ لم يحط بعدده كثيراً جسيماً جزيلاً عظيماً» انتهى، وقال (صاحب الكشاف): «{حِسَابًا} صفة بمعنى كافياً من أحسبه الشيء إذا كفاه، حتى قال: حسبي» انتهى، والأول يناسب قوله تعالى في أهل النار {وِفَاقًا} وقد حكاه في (الكشاف) عن بعضهم، وكذلك حكاه الراغب حيث قال: «وقيل: ذلك إشارة إلى ما قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}⁣[النجم: ٣٩].

  (٣٧) {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ} هو مالكها كلها، ولذلك {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}⁣[مريم: ٩٣] {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} لأن الملك يومئذ للرحمن، فليس لأحد حق على اللّه، أو نفوذ طلب عنده أن يأذن اللّه له في خطاب، أو لا يملك من اللّه أن يقول تعالى قولاً يريده العبد، كقوله: {فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}⁣[الأحقاف: ٨].