سورة النازعات
  
  (٣) {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} الراجح: أنها الخيل تسرع في عدوها حتى كأنها تسبح في الماء، وقد وصفت بالسبح في أشعار العرب، وفي معلقة امرئ القيس يصف فرساً:
  مِسَحٍّ إذا ما السابحات على الونى ... أثرن الغبار بالكد يد المركل
  قال شارحها: «السابح من الخيل: الذي يمد يديه في عدوه شبه بالسابح في الماء» انتهى، وقال في (الصحاح): «وسَبْحُ الفرس: جَرْيُه، وهو فرس سابح» انتهى.
  (٤) {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا} لإسراعهن في سبحهن وقوتهن على السبح حتى يسبقن غيرهن من الخيل، فالقسم بهن؛ لما جعل اللّه فيهن من القوة والجودة.
  (٥) {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} لقلبهن موازين القوة، وتحويلهن أعداء اللّه بعد عنادهم وتكبرهم إلى أذلاء صاغرين، مما يدفع فسادهم، ويرفع راية الحق وينتشر به العدل، وذلك ما تدبره خيل الجهاد، وهذا فضل عظيم للخيل خصت به، فهي تسرع وتهجم على الأعداء وتصبر في المعارك، كما قال عنترة:
  ما زلت أرميهم بثغرة نحره ... ولبانه حتى تسربل بالدم ... الخ
  وقد أمر اللّه بإعدادها للجهاد في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: ٦٠] وأقسم بها في قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ} إلى قوله تعالى: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}[العايات: ١ - ٥] ولا إشكال أنهن من آياته العظيمة ونعمه الجسيمة، فالقسم بهن ظاهر.