التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النازعات

صفحة 372 - الجزء 7

  فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ١٧ فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ١٨ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩ فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ٢٠ فَكَذَّبَ وَعَصَى ٢١ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى


  تطاول ليلك بالأثمدِ ... وبات الخلي ولم ترقدِ

  وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد

  وقال آخر:

  فبتّ كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع

  وهذا المعنى أقرب من قول بعضهم: «سميت ساهرة لِوَطْءِ الأقدام عليها».

  (١٥ - ١٧) {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ۝ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ۝ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} هذه الآيات الكريمة فيها موعظة للمكذبين للرسول بما يأتي من قصة فرعون لأجل التكذيب والعصيان، وفيها تسلية للرسول ÷، كقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}⁣[فاطر: ٤] وفيها تنبيه للكفار أن اللّه قد أرسل قبل محمد ÷، فليس بدعاً من الرسل، ولا أرسله بشيء عجيب؛ لأنها سنة اللّه في الذين خلوا من قبل أن يرسل إليهم.

  ولكون السورة (مكية) جاءت خطاباً لأهل جاهلية جهلاء، فجاءت موجزة كأخواتها من قصار السور، ولذلك اكتفى فيها بذكر موسى وفرعون، ولعلها خصت بالذكر لأجل شهرة موسى وفرعون، أما موسى فلانتماء اليهود إليه على كثرتهم في الأرض، وأما فرعون فلقصته التي استحقت الشهرة تبعاً لشهرة موسى جملة، أي اشتهار أن موسى أرسل إلى فرعون وقومه وهلكوا بالغرق في البحر.