التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النازعات

صفحة 374 - الجزء 7

  ٢٢ فَحَشَرَ فَنَادَى ٢٣ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ٢٤ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ٢٥ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ٢٦ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ


  هذا الظاهر من حيث أن فرعون عبد آبق أرسل إليه سيده رسولاً يعرض عليه أن يدلَّه على الطريق ليرجع إلى سيده، وليخشى ما قد تعرض له من الأمر المخوف، وقوله: {فَتَخْشَى} إنذار له بأنه محتاج إلى الخشية من أمر مخوف يريد أن ينقذه منه، وهذا توجيه له لو استعمل عقله إلى أن يفكر وينظر في صحة ما يقول موسى وصحة دليله على صدقه دون أن يسارع إلى التكذيب والمكابرة.

  وفي تفريعه بقوله: {فَتَخْشَى} على قوله: {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} دلالة على أن هدايته إلى ربه تستلزم أن يخشى؛ لأنه بذلك يوقن أنه على خطر عظيم فيخشى، وهذا يؤكد أن معنى {أَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} أدلك على الطريق إلى ربك لترجع إلى ربك.

  (٢٠) {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى} وهي صدقه في أنه رسول من رب العالمين، وهي ما ذكره اللّه تعالى في قوله في (سورة الشعراء): {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ۝ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ۝ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ۝ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ}⁣[آية: ٣٠ - ٣٣] فقد أراه الآيتين فظاهره أنهما مجموعهما الشيء المبين وهنا كذلك يحتمل أن مجموعهما هو الآية الكبرى لاجتماعهما عقيب طلب فرعون.

  (٢١) {فَكَذَّبَ وَعَصَى} كذب الرسول وعصاه، وكذب بالآية.

  (٢٢) {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى} {أَدْبَرَ} عن موسى {يَسْعَى} مسرعاً ليحشر قومه ويبادر إلى تضليلهم وصرفهم عن الإيمان بموسى.