التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النازعات

صفحة 377 - الجزء 7

  


  وفي تفسير (سورة الذاريات) من (المصابيح) في تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ}⁣[آية: ٤٧] قال الإمام الهادي #: «فهو جعلناها وخلقناها وقدرناها سقفاً عليكم وجبرناها» انتهى، وهذا يشير إلى المعنى الأول - والله أعلم.

  وقوله تعالى: {رَفَعَ سَمْكَهَا} فيه احتمال أن السمك هو الرفع، فمعناه: أبعدَ بُعْدَها في العلو أو أن يكون السمك هو الطول، ومعنى رفعه: زيادة إطالته أعني تطويل طوله، وجعله بعيد المسافة في الطول.

  وقد يقال: لا يتبادر إلى الأذهان إلا لو كانت السماء بنياناً كالقصر فيكون رفع طوله مفهوماً؟

  والجواب: أن السماء إذا كانت عبارة عن جملة السبع السماوات، كقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}⁣[البقرة: ٢٩] وقوله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}⁣[الحديد: ٢١] وفي آية: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}⁣[آل عمران: ١٣٣].

  فكما يصح في القصر الذي هو سبع طبقات أن يقال: «رفع طوله» صح في السبع السماوات أن يقال: جعلت السماء سبع سماوات طباقاً فارتفع سمكها بذلك؛ لأنها جعلت كالقصر المبني من سبع طبقات - والله أعلم - ولأن طبقاتها متباعدة في علوها.

  وقد روي أن بين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وعلى هذا يسهل فهم بناء السماء بمعنى جعلها سبع طبقات، كبناء الدار، وفهم رفع سمكها بذلك مع تباعدهن في العلو.