التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النازعات

صفحة 378 - الجزء 7

  


  فإن قيل: من أين لنا تفسير السمْك بالطول؟

  قلت: قال في (لسان العرب): «والسمك: القامة من كل شيء بعيدٍ طويل السمك، وقال ذو الرمة:

  نجائبَ من نتاج بني عُزَيرٍ ... طوال السمك مُفْزِعَةً نبالا

  ثم قال: والسامك: العالي المرتفع، وبيت مستمك: طويل السمك.

  قال رؤبة:

  صَعَّدَكُم في بيت مَجْد مسْتَمِك

  ويروى: منسمك» انتهى، وأيضاً يصح اعتبار الإطالة للبناء: رفعه، فتكون تسميتها سمكاً باعتبار رفع البناء، فلم يخرج السمك عن معنى الرفع، ويناسب هذا قول الشاعر:

  إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول

  ومثله قول لبيد في (معلقته):

  فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكه ... فسمى إليه كهلها وغلامها

  وقوله تعالى: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} تسويتها: إتقان صنعها وتهيأتها لما، يراد بها وسلامتها من الفطور.

  وقوله تعالى: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} في (تفسير الشرفي): عن الحسين بن القاسم: الإغطاش هو الظلام» انتهى، أي جعل ليلها ظلاماً، ونحوه في (الكشاف) و (مفردات الراغب) وقوله تعالى: {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} أي نهارها، إخراجه: إظهاره بعد أن كان غائباً في الليل.

  {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} ودحو الأرض: إعدادها للإنسان لتصلح لعيشه فيها بتربتها وهواءها وجبالها ومائها، ولعل من تفسير الدحو قوله تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} وللإيجاز لم يذكر ما يترتب على الماء لأنه ظاهر {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} جعلها راسية في أماكنها أوتاداً للأرض ومنافع للناس.