سورة النازعات
  
  بذلك التوقيف للناس على خوف رسول الله ÷ وما هو فيه من الفزع والحزن، عند ذكره لها وعندما يخطر على باله من هولها» انتهى. وهذا دليل على عظم أمر الساعة، وأن المهم الإعداد لها، لا السؤال متى تجيء.
  (٤٤) {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} غايتها، أمرها إلى اللّه وحده، وهي مصير كل نفس إلى جزائها، أو الساعة تنتهي إليه فيتولاها، هو تشبيهاً كما قلنا في {مُرْسَاهَا}.
  (٤٥) {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} أي ما أنت إلا نذير لم تبعث لتخبرهم متى تكون ولم تعلم الغيب، و {مَنْ يَخْشَاهَا} الذي يخافها فهو الذي ينتفع بالإنذار، والحصر إضافي بالنسبة إلى أنه لم يبعث ليخبر متى الساعة.
  و {مَنْ يَخْشَاهَا} يحتمل: من يخشاها عند سماع الإنذار فينظر في الدليل على صدق الإنذار لأجل خشيته عند الإنذار فيؤمن بها ويستعد لها، ويحتمل: من يخشاها لأنه يؤمن بها، فيكون المعنى: من ينتفع بالإنذار فيؤمن فيخشاها لأجل إيمانه بها، كقوله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ}[يس: ١١].
  (٤٦) {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} يوم يرون الساعة لأنها قد جاءت، ورؤيتها: رؤية أهوالها وأمورها التي تكون عند قيامها، كأنهم لم يلبثوا أي في أنفسهم يرون مدة اللبث قصيرة جداً ليست إلا مقدار بعض يوم، ومدة اللبث هذه التي يرونها قصيرة إلى هذا الحد إما أن تكون مدة لبثهم في الحياة الدنيا، فيكون المعنى: أنهم يوم يرونها يستقلون الحياة الدنيا، ومقتضى ذلك أن يندموا لإيثارها على الآخرة الباقية العظيمة الشأن.