سورة عبس
  عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ٧ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ٨ وَهُوَ يَخْشَى ٩ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ١٠ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ١١ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ١٢ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣
  (٧) {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} وما يضرك أن لا يزكى، فعدم تزكيه ضره عليه لا عليك، وكان ÷ حريصاً على إسلامهم، كما قال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء: ٣] وقال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ..} إلى قوله: {.. أَسَفًا}[الكهف: ٦] فهذا تسلية له بأنه لا يضره تركهم للتزكي أو عدم تزكيهم؛ لأنه ليس عليه هداهم إنما عليه البلاغ.
  (٨ - ١٠) {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى} مسرعاً لرغبته في أن لا يفوته شيء من كلامك؛ لأنه {يَخْشَى} اللّه ويرغب في تعلم ما ينجيه من عذاب اللّه {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} تتشاغل بالمستغني عنك وعن كلامك عن هذا الراغب إليك، وسمي التشاغل عنه تلهياً؛ لأنه أحق بالإقبال والتعليم ممن لا يريده ولا يقبله.
  قال في (الكشاف): «فإن قلت: قوله {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} كأن فيه اختصاصاً؟ قلت: نعم. ومعناه: إنكار التصدي عليه والتلهي، أي مثلك خصوصاً لا ينبغي له أن يتصدى للغني ويتلهى للفقير» انتهى.
  قلت: أراه أصاب وأخطأ، أصاب في تفسير الاختصاص، وأخطأ في تفسير الاستغناء بالغنى، وحاشا رسول الله ÷ أن يتصدى للأغنياء، ولا يتصور أن ينسب إليه في القرآن الكريم، ولو لم يكن المقصود أنه يتصدى للغني لغناه؛ لأنه يوهم ذلك ويكون ضعفاً في التعبير ينزه عنه أعلى الكلام في حسن البيان الذي هو القرآن، وفي كل فضل، وكذا قوله: ويتلهى عن الفقير، عبارة ضعيفة جداً.