التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة عبس

صفحة 392 - الجزء 7

  السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ٢٠ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ٢١ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ٢٢ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ٢٣ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ٢٤ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ


  (١٧ - ١٨) {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ۝ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} في (المصابيح): «عن محمد بن القاسم بن إبراهيم: ومعنى {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} أي لعن الإنسان ما أقل شكره، وكذلك كل من كفر بآيات اللّه ولم يصر فيما أُمِر به إلى مرضاة اللّه، فمن كان كذلك أو عمل بذلك فهو من الكافرين غير الشاكرين، لما أولاه ووهب له من النعم وأعطاه» انتهى.

  فالسياق جامع للتبكيت على كفر النعمة وتعديد النعم وللاحتجاج على المكذبين بالآخرة {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} حتى يقوم لمخاصمة ربه وجحده لقدرته، أي لم يخلق من أصل عظيم، إنما خلق من شيء حقير، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}⁣[يس: ٧٧].

  (١٩) {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ} من ماء قليل هو المني {فَقَدَّرَهُ} كقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}⁣[الفرقان: ٢] أي جعله على مقدار محكم مناسب لوظيفته في الحياة، وأيضاً جميل متناسب وتقديره يكون مع خلقه ونموه في بطن أمه.

  (٢٠) {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} التقدير: ثم يسر سبيله يسره، وهي من دلائل قدرته تعالى حيث يسر له سبيلاً للخروج من بطن أمه، لا هي أخرجته، ولا هو خرج بقدرته واختياره

  (٢١) {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} {ثُمَّ أَمَاتَهُ} وهي من دلائل القدرة، فالعالم يعجزون عن دفع الموت بأي حيلة أو دواء أو غير ذلك، لا يدفع عن ملك من الملوك، ولا عن نبي ولا غيره {فَأَقْبَرَهُ} سخر الأحياء فقبروه، ليواروا سوأته ويصونوا جثته، تكرمة للإنسان للأحياء والأموات.