سورة عبس
  وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٢ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ٣٣ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
  وتسقى به المصابيح في الزمان الأول، والنخل تجمع فوائد في نفس الشجرة وفوائد في ثمرتها، فسعفها يصنع منه الحصير والمكانس ويجعل في سقف البيت عند بنائه وغير ذلك، والتمر يؤكل ويتخذ منه نبيذ، والنوى ينقع في الماء ويدق ويطعم الأنعام، ولعلها ذكرت - أعني - النخل دون التمر لما فيها من المتاع لنا ولأنعامنا الذي لا يخص التمر، والأبّ مرعى للأنعام، قال في (المصابيح) - حاكياً عن محمد بن القاسم بن إبراهيم -: «والأبّ: فهو العشب والمرعى الذي جعله اللّه مرعى ومرتعاً للأنعام ومهملاً للإبل» انتهى، وحكى في (المصابيح) أيضاً مثله عن الإمام الهادي #.
  ومثله قاله ابن جرير في (تفسيره) ورواه بإسناده عن ابن عباس، ورواه عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وأما الحدائق فقد مر تفسيرها، وأما الغلب: فهي الغلاظ، وهي التي في أشجارها كثرة وقوة والتفاف.
  (٣٢) {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} أي أنبتنا هذه النباتات متاعاً لكم ولأنعامكم مؤقتاً وقتاً لا يتعداه قصيراً؛ لأن الموت يحول دونه والقيامة.
  (٣٣ - ٣٦) {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} في (المصابيح) عن الإمام القاسم # في تفسير {الصَّاخَّةُ}: «المسمعة المصخة للأنفس من هولها وما يرى فيها من عظمها فتصخ لها النفوس» انتهى.
  قلت: هي القيامة، أو الصيحة الثانية التي يحشر الناس عندها حين يسمعون الصيحة، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}[ق: ٤٢]