التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التكوير

صفحة 404 - الجزء 7

  الْمُبِينِ ٢٣ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ٢٤ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ٢٥ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ٢٦ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ٢٧ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ٢٨ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٩


  ومعنى {مُطَاعٍ ثَمَّ} أي مطاع في السماء يطيعه الملائكة أو بعضهم، ومعنى {أَمِينٍ} أنه صاحب أمانة مطلقة، فهو أمين على الرسالة وتبليغ ما أرسل به إلى رسول الله ÷، ويحتمل: مطاع ثم أنه مجاب الدعوة عند اللّه، وقد جمع بينه وبين الأول محمد بن القاسم @، والراجح الأول - والله أعلم.

  وقد يقال: قد يستعمل {مُطَاعٍ} بمعنى مجاب، قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}⁣[غافر: ١٨] وهذا فيه نظر لاحتمال أنه رد على المشركين الذين يعتقدون لشركائهم نفوذاً أو مشاركة لله في الملك، بحيث يشفّعهم إذا شفعوا لهم بزعمهم من دون اشتراط أذن ولا رضى من اللّه لهم بالشفاعة، بحيث يكون تشفيعه لهم طاعة لمشاركتهم له في الملك بزعمهم، تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً.

  وما روي عن عائشة: أنها قالت لرسول الله ÷: «إن ربك ليطيعك» فإن صح فهو محمول على التجوز والمبالغة في أنه يجيبه بسرعة إذا دعاه، كالمطيع الذي يؤمر وصحته تبعد، إلا أن يكون صدر منها في الصغر ولم ينكر عليها لذلك، أو يكون الرسول ÷ أنكر - والله أعلم، وحاصل الآيات هذه أن هذا القرآن هو تبليغ جبريل # {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ}⁣[الشعراء: ٢١٠] كما يأتي.

  (٢٢) {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} أي محمد ÷ صاحب قريش أو صاحب العرب الذي هو منهم ما هو {بِمَجْنُونٍ} وهذا نفي مؤكد بـ (ما) و (الباء) وذلك واضح لرجاحة عقله واستقامة كلامه.

  (٢٣) {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} أي لقد رأى صاحبكم جبريل # {بِالْأُفُقِ} أي في الأفق أي في جو السماء و {الْمُبِينِ} البين الذي لاشك فيه.