التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التكوير

صفحة 405 - الجزء 7

  


  (٢٤) {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} {وَمَا هُوَ} أي ما محمد ÷ {عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} والضنين: المتهم، فالمعنى أنه ÷ {أَمِينٍ} على تبليغ ما جاءه به جبريل كما بلغه، من دون زيادة ولا نقص ولا تغيير، أي أن اللّه ارتضاه لذلك، لعلمه بأمانته وأنه غير متهم على ما نزل به من {الْغَيْبِ} وهو ما غاب عن الناس، وهو ما جاء به جبريل # من الغيب وهم لا يعلمونه إلا حين يبلغهم، كقوله تعالى: {فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ۝ إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}⁣[الجن: ٢٦ - ٢٧] فما جاء به من أخبار القيامة والجنة والنار وغير ذلك فهو حق كله.

  (٢٥) {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} {وَمَا هُوَ} أي وما القرآن {بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} يرجم بالشهب إذا حاول استراق السمع فليس من الكهانة فقوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} كقوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ۝ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}⁣[الحاقة: ٤١ - ٤٢] وهذا رد على الكفار الذين يقولون تارة مجنون، وتارة كاهن.

  (٢٦) {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} أيها الكافرون التائهون العادلون عن الطريق الواضح المستقيم إلى الدعاوى التي لا تناسب حال الرسول الذي هو أرجح الناس عقلاً وأبعدهم عن الباطل وأوضحهم حجة وأقومهم سبيلاً.

  (٢٧ - ٢٨) {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ۝ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} {إِنْ هُوَ} أي هذا القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ۝ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} إن هذا القرآن الذي يقرؤه عليكم محمد ÷ أي ما هو إلا ذكر وتنبيه للعالمين لما يذكر به من الوعد والوعيد ويبلغه من إنقاذكم من الضلال والهدى إلى الصراط المستقيم، والإنذار للعالمين لحاجتهم إليه لكونهم على شفا حفرة من النار لما قد شاع فيهم من الشرك والضلال.