التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفاتحة

صفحة 40 - الجزء 1

  الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ٧


  {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي نخصك بالعبادة ونعبدك وحدك لا شريك لك؛ لأنك ربنا لا شريك لك فينا {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نطلبك الإعانة على أمورنا لا نستعين غيرك، لأنك الذي تسمع الدعاء وتجيب دعوة الداعي لأنك ربنا الكريم في ربوبيته الحميد الرحيم بعباده السميع العليم القادر على تحقيق المطلوب وصرف المرهوب، فبالإخلاص في عبادتك ودعائك أن تعيننا نتوسل إلى هدايتك لنا وهي من الإعانة لنا، فتم الاتصال بين نستعين وقوله:

  (٦) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وهذا الدعاء العظيم الذي قصد أعظم المطلوب وأجمعه للخير على شكل التضرع وإعلان الحاجة والافتقار إلى ربنا والاعتراف بضعفنا بحيث أنا مع وضوح الصراط نحتاج إلى أن يهدينا إليه، وذلك لما يصرفنا من شواغل الدنيا ومن الغفلة ومن ضعف العزم، فبالهدى تنشرح صدورنا، فتقوى إرادتنا وننتبه من غفلتنا ونزهد في الدنيا، فلا نشتغل بشواغلها حتى نمضي في الصراط المستقيم، والهدى أصله الإرشاد إلى الطريق، قال تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}⁣[القصص: ٢٢] فهو شرح يرشدنا إلى الصراط كما قال تعالى: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ}⁣[الحديد: ٢٨] و {الصِّرَاطَ} هو الطريق المعبّد الذي لا يلتبس على من مشى فيه، وهو صراط الله الذي دعا إليه عباده قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}⁣[الشورى: ٥٢ - ٥٣] وقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا ...}⁣[الأنعام: ١٦١].