التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المطففين

صفحة 429 - الجزء 7

  الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ٢٣ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ٢٤ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ٢٥ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ٢٦


  (٢٢ - ٢٣) {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ۝ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} لعل هذا في الأبرار مقابل قوله تعالى في الفجار: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ} فهو في الجنة، ويحتمل: أنه في موقف الحساب فقد جاء في (حديث الصيام): عن علي # قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظامئة أكبادهم؟! وعزتي وجلالي لأروينهم اليوم. قال: فيؤتى بالصائمين فتوضع لهم الموائد وإنهم ليأكلون والناس يحاسبون» انتهى من (أمالي أبي طالب) من (الباب الرابع والعشرين) وأوله في (مجموع الإمام زيد بن علي #).

  (٢٤) {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} النضرة: البهجة والجمال، مع أن الجمال مرئي بالبصر لإضافة النضرة إلى {النَّعِيمِ} فالمعنى: ترى في وجوههم النضرة التي هي بسبب النعيم، يعرف بها ما هم فيه من النعيم؛ لأنه اجتمع لهم الأمن في ذلك اليوم والبشرى، مع ما يؤتون به من الطعام والشراب، فأما قوله: {يَنظُرُونَ} فيأتي تفسيره في آخر السورة، وفائدته هنا الدلالة على أمنهم وسرورهم، بخلاف أعداء اللّه الظالمين الذين تشخص أبصارهم.

  (٢٥) {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} والرحيق: نوع من الخمر جيد، وفي الصحاح: «الرحيق: صفوة الخمر» انتهى، وقوله تعالى: {مَخْتُومٍ} الأقرب: أنه ختم زجاجه، وأثبت له الختم ليدل على صيانته، ولعل هذا قرينة كونهم في موقف الحساب قبل دخولهم الجنة، مع أنه يمكن أنهم في الجنة كذلك، وإن كان الخمر أنهاراً إلا أن قربه وكونه في الجنة لا يحوج إلى ختمه، بخلاف إذا كان يؤتى به لهم في موقف الحساب - والله أعلم.