التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأعلى

صفحة 463 - الجزء 7

  تَنْسَى ٦ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ٧ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ٨ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ٩ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ١٠ وَيَتَجَنَّبُهَا


  وصار معناه: فجعله بالياً حطاماً قد اسود من القدم والعتق، فهو بعيد لأن في (تفسير محمد بن القاسم @) في المرعى آيتين إخراجه من الأرض بشقه لها، وتطويره بجعله أخضر مصفر أطراف الورق في أول نشأته، وهذا أوضح في اعتباره آية من بلى المرعى وتحطمه واسوداده من القدم - والله أعلم.

  وفي (تفسير محمد بن القاسم @) مرجح آخر، وهو أنه أقرب لاستعمال (الفاء) التي للتقريب، والجعل الذي هو في الخلق أظهر من تركه حتى يبلى والعموم للمرعى ما يؤكل وترعاه الأنعام، وما يترك حتى يبلى، وتفسيرهم خاص بما يترك، والمناسبة لكلمة المرعى فهو غثاء أحوى في حال كونه مرعى، وفي أول ما يرتع، أما الدرين فهو يؤكل بشكل معلوف لا رعي، وهذا يحوج إلى تفسير جعل بمعنى صيّر وإخراجه عن كونه مرعي إلى كونه غثاء أحوى، أي يابساً متحطماً مسوداً من طول زمانه، وليس في هذا فائدة تظهر بالنسبة إلى السياق لدلائل القدرة.

  (٦ - ٧) {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ۝ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} {سَنُقْرِئُكَ} القرآن فتحفظه؛ لأن المراد أن تحفظه وتبلغه {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} أن تنساه فلا يضرك نسيانه؛ لأن اللّه {يَعْلَمُ الْجَهْرَ} من القول {وَمَا يَخْفَى} من القول ومن ذات الصدور، فهو يعلم ما تحفظه، ولو نسيت شيئاً لكان ذلك بعلمه ومشيته.

  (٨) {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} للشريعة اليسرى السمحة السهلة، والطريقة اليسرى والأخلاق السمحة الرفيقة، فكلها من الشريعة اليسرى {وَنُيَسِّرُكَ} لها نهديك لها ونوفقك، ونهيئك حتى تصير عليها.