التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفجر

صفحة 481 - الجزء 7

  وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ١٩ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ٢١ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ٢٢


  (١٧ - ٢٠) {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ۝ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ۝ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ۝ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} {كَلَّا} زجر لهم عما زعموا في بسط الرزق وتقديره.

  وقوله تعالى: {بَلْ لَا تُكْرِمُونَ} إضراب وترق إلى درجة أهم من الأولى، التي هي تعظيم المال وجعل الكرامة فيه والإهانة في تقليله، فهم في حال أهم من ذلك، وهي أنهم لا يقومون بالواجب عليهم من إكرام اليتيم، والحض على طعام المسكين، الذي يدل على صلاح الضمير ورحمة الضعيف، بل يعاملون بالقسوة وعدم المبالاة بالواجب.

  وهم يأكلون الميراث {أَكْلًا لَمًّا} يجمع الحرام والحلال، ويحرص على المال حرصاً شديداً يكون خطراً على المجتمع الإنساني، بحيث يفسد المجتمع لو ترك الناس عليه، ويصيرون كالسباع الضارية يأكل بعضهم بعضاً، ولذلك فلا بد من الإيمان بالآخرة لإصلاح المجتمع الإنساني، وإيجاب حق الفقير على الغني، وتربية المجتمع على الإحسان، وإكرام اليتيم، والرحمة بالضعيف، وقد دلَّ ما فعل اللّه بعاد وثمود وفرعون، على أن اللّه لا يهمل عباده، وأنه لابد من الجزاء لهؤلاء المكذبين للرسول ÷، المكذبين بآيات الله.

  (٢١) {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} متكرراً متواصلاً {كَلَّا} زجر عن الاشتغال بالدنيا والحرص على المال، مع تعرضهم لعذاب اللّه إذا جاءت القيامة، إذا دكت الأرض.