التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الليل

صفحة 509 - الجزء 7

  لَلْهُدَى ١٢ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ١٣ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ١٨ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ١٩ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ٢٠ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ٢١


  (١١) {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} {تَرَدَّى} هوى في العذاب، والتردي: السقوط، وهو كناية عن الهلاك فما يغني عنه ماله شيئاً من العذاب، والحاصل: لا يدفع عنه ماله، وما أحسن التشبيه بالمتردي؛ لأن المتردي لا يدفع عنه ضرر التردي ولو كان من أكثر الناس مالاً، فلا بد أن يضره التردي على قدر أسباب الضرر.

  (١٢) {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} علينا أن نهدي إلى قصد السبيل ببيانها للناس بالقرآن والرسول.

  (١٣) {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} فنفعل ما نشاء ونحكم ما نريد في الدنيا والآخرة، لذلك نرسل الرسل، وننزل الكتب، وندعو العباد إلى العبادة، وفي الآخرة نجزي كل نفس بما تسعى.

  (١٤ - ١٦) {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ۝ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ۝ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} تفريع على قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ۝ وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى} وتلظي النار: تلهبها وتسعرها وشدة توقدها، وهذه النار قد وصفت بوصفين الأول: {تَلَظَّى} والثاني: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ۝ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} فهي نار فيها زيادة على عذاب سائر الأشقياء، ولعلها طبقة من طبقات جهنم مخصصة للمكذبين المتولين؛ لأن اللّه تعالى يقول: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ۝ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا ..} الآية، فالشقي أعم من الأشقى.

  (١٧ - ١٨) {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ۝ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} {الْأَتْقَى} رسول الله ÷، أو هو والسابقون الأولون، ولم يخصوا بالذكر لإخراج سائر المتقين،