سورة العلق
  
  (٣ - ٤) {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {اقْرَأْ} الأمر بالقراءة في الموضعين مطلق وكرر لما اتصل به أول مرة من قوله تعالى: {بِاسْمِ رَبِّكَ} وما اتصل به في المرة الثانية من قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} والمراد: أن يقرأ ما علمه اللّه قراءته وأمر بالقراءة؛ ليقرأ ما قد نزل إن كانت الفاتحة قد نزلت، ويقرأ هذه السورة التي أمر بالقراءة فيها، ويقرأ ما سينزل عليه، وهذا الإطلاق الأمر بالقراءة مع كونه ÷ متوقعاً لنزول ما سينزل وهو في أول نزول القرآن، فالمراد توجيهه للقراءة وأن يستعد لها.
  ويظهر هذا المعنى لو فسّرنا اقرأ باسم ربك أي اقرأ حاكياً عن ربك فتقول حين تقرأ: بسم الله، أي هذا الذي أقرؤه كلام اللّه أحكيه عنه كما تقول: اشتر السلعة باسمي أي مضيفاً لها إلي وهذا قريب، وقد رجحته في تفسير (الفاتحة).
  {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (الواو) للحال، والمعنى تشجيعه على القراءة بأن ربه الأكرم وهذا لأن القراءة قراءة القرآن وهي بين الجاهلين المشركين أمر ثقيل يحتاج إلى التوكل على اللّه والثقة بمعونته ونصره، إن هذه القراءة تبليغ رسالة وجهاد بالحجة {فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان: ٥٢].
  وكذلك إن هذه القراءة في الأميين يستبعد تقبلها وحفظها من السامعين الجاهلين الذين كانت أذهانهم بعيدة عن معاني هذا القرآن إنما نشأت على أمور الجاهلية والاشتغال بأغراض الدنيا، فاقرأ راجياً كرم اللّه، وإظهار دينه، ونشر العلم به في الأرض بواسطة القلم، وتخصيص التعليم بـ (القلم) بالذكر هنا مع كون الرسول ÷ أمياً لا يقرأ كتاباً ولا يخطه بيمينه، ومع أن