التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البينة

صفحة 543 - الجزء 7

  جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ٦ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ


  وهذا أحسن من تفسير (الحنيف): بالمائل؛ لأنه لو كان بمعنى (المائل) لما استعمل إلا بقيد يحسنه؛ لأن المطلق مذموم، قال تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا}⁣[النساء: ٢٧] ولو أريد به الميل عن الباطل لكان ضعفاً في التعبير، كما لو قيل: كفار أي بالطاغوت.

  {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي {وَذَلِكَ} الذي أمروا به {دِينُ الْقَيِّمَةِ} والقيمة: المستقيمة، وهي الطريقة التي لا عوج فيها مثل {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣[الفاتحة: ٦].

  (٦) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} {الَّذِينَ كَفَرُوا} منهم: بقوا على ضلالهم وأصروا على كفرهم ولم يخرجوا منه حين أتتهم البينة التي هي القرآن يتلوه الرسول، بل أصروا على أباطيلهم فتوعدهم اللّه وأخبر خبراً صادقاً أنهم في الآخرة: {فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}.

  قال الإمام القاسم #: «وتأويل {خَالِدِينَ} فهو أنهم غير فانين ولا بائدين، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ..}⁣[فاطر: ٣٦] ... إلخ».

  ثم بين تعالى: أنهم {شَرُّ الْبَرِيَّةِ} والبرية: الخليقة التي خالف بينها خالقها في صفاتها بحيث يتميز بعضها عن بعض، أي شر المخلوقات.

  (٧) {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} الذين صدقوا وقبلوا وبعثهم ذلك على التقوى والعمل الصالح كما دل عليه