سورة الزلزلة
  يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ٦ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨
  {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم: ٤٨] فتحدث أخبارها كلها {بِأَنَّ رَبَّكَ} بسبب أن ربك {أَوْحَى لَهَا} بذلك، ومعنى {أَوْحَى لَهَا} إما أوحى إليها بما تحدث به أو أمرها بأن تحدث، وإما أوحى لها بالزلزلة وما يعقبها، أي أوحى إلى الملك الذي يحملها هي والجبال ويدكهما، فبذلك أوحى لها بالزلزال كما تقول أمر له بكذا - والله أعلم.
  (٦) {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} الصدر: العودة، وأشتاتاً: متفرقين بين شقي وسعيد {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} كقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}[البقرة: ١٦٧] فالسعيد يرى عمله مرضياً له، والشقي يراه حسرة، وذلك حين تجزى كل نفس ما تسعى، فهذه كقوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق: ٩] وقوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ}[يونس: ٣٠].
  فليس المراد مجرد رؤية العمل، بل رؤيته في جزائه، أو رؤيته من حيث خبره وكونه سبب سعادة أو شقاوة، وذلك لأن المقصود الأعظم من القرآن عموماً ومن هذه السور (المكية) هو الإنذار للإنسان، كما قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥] فسواء كان الصدر معناه: الصدر من الأرض، أو من القبور، أو من موقف الحساب، فهو لهذا المقصود {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}[إبراهيم: ٥١] وفي (تفسير الإمام القاسم #): «فتأويل (يراه) فهو يجزاه».