سورة الفاتحة
  
  (٧) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهم رسل الله الذين أنعم عليهم بالهدى ومن تبعهم إتباعاً كاملاً {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر: ١٨] قال تعالى في إبراهيم #: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}[الأنعام: ٨٠] أي لإسلام نفسي له وإسلام وجهي له، ثم قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ...} إلى أن قال تعالى: {... وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} إلى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٨٤ - ٩٠].
  وقال تعالى بعد ذكر عدد من الأنبياء: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا}[مريم: ٥٨] وقال تعالى: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا}[المائدة: ٢٣] وقال تعالى: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}[النساء: ١١٣].
  وهذا لأن نعمة الهدى أعظم النعم باعتبار أنه يؤدي إلى السعادة الأبدية وينجي من الشقاوة الأبدية، فكأنه لا نعمة إلا نعمة الذين هداهم الله إليه؛ لأن نعمة الهدى هي النعمة الكبرى التي تصغر في جنبها سائر النعم الدنيوية، وحيث أن السورة أول سورة نزلت من القرآن أو من أول ما نزل لا نتحقق أنه يدخل من هذه الأمة في قوله تعالى: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} غير رسول الله ÷ وعلي #، ولا يدخل فيه أحد ممن يعبد الأصنام يومئذ؛ لأن أنعمت فعل ماض، فلا بد أن يكون المعني بها من قد هداهم قبل نزولها.
  فإن سأل سائل عن فائدة قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ولماذا لم يكف {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأن وصف الصراط بالإستقامة يفيد: أنه الحق؟