سورة البقرة
  
  لا أنه تقوّله، ولا كان مجرد إلهام للمعنى دون القول وحروفه، ولم نعرف من أسرار هذه الأحرف أكثر من هذا ولا ننفي ما جهلناه، ولكن نقول ما ينسب إلى القرآن الكريم من المعاني الباطنة على ثلاثة أقسام:
  قسم يتوصل إليه علماء الدين المهتدون بهدي القرآن، يتوصلون إليه بالظاهر من دلالات القرآن.
  وقسم يتوصلون إليه بالدلائل العقلية، وهو لاحق بالأول أو بالقرائن الظاهرة من ظروف نزول القرآن أو من مناسبة مقاصد القرآن المعروفة بالممارسة في التفسير.
  وقسم يدَّعَى بالإلهام دون أن يتوصل إليه بدليل، فهذا مردود ولا تسمع دعواه ولا سيما إذا خالف الظاهر كما تدعيه الباطنية؛ لأنه لا دليل عليه، ولأن الله أنزل القرآن للناس بلسان العرب ليعقلوه كلهم ولم يخص به شيخاً ولا إماماً كما هو معلوم من دين الرسول ÷، ولا يجوز أن يخاطب الله سبحانه عباده بما يفهمونه وهو غير مراد، بل المراد خلافه أو ضده، هذا لا يصدر من حكيم {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التين: ٨].
  أما الدليل على ما فهمناه من إرادة تحقيق أن الله تعالى أوحى الكتاب كلاماً مؤلفاً من الأحرف أو التعجيز، فإنه يظهر من اقتران الأحرف بما يدل على ذلك في بعض المواضع، مثل قوله تعالى: {حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الشورى: ١ - ٣] {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}[يونس: ١] {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}[يوسف: ١] {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ}[الرعد: ١] {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}[الحجر: ١] {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}[الشعراء، القصص: ١ - ٢] {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ}[النمل: ١] {الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}[لقمان: ١ - ٢].