سورة البقرة
  
  واختار الإمام القاسم بن محمد # في (الأساس) أن هذه الأحرف جاءت في أوائل بعض السور للقسم بها، واحتج لذلك بأن القسم مفهوم في مثل قوله تعالى: {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}[يس: ١ - ٣] وقوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[ق: ١] {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}[القلم: ١] فجعل القسم بالأحرف وبالقرآن، وقدّر حرف القسم قبل الأحرف وجعل الواو المذكورة عاطفة، وليس بعيداً أن يقسم الله بالأحرف التي أنطق الإنسان بها؛ لأنها من دلائل قدرة الله وعلمه، ومن نعم الله العظمى على الإنسان.
  وما ذكرته من إرادة التعجيز أو تحقيق وحي القرآن كلاماً مؤلفاً من الحروف، إنما يترجح في بعض المواضع ولا يقاس عليه بقيتها، فالمحقق أنها اسم لمعناها المفهوم عند العرب الذي تبنى منه الكلمات، فأما فوائدها وأسرارها فموكول إلى من علّمه الله.
  قال الإمام القاسم بن إبراهيم # في كتاب (الرّد على ابن المقفّع) [ص ١٤٦] نسخة صورة مخطوطة: «ثم عمد - أي ابن المقفع - إلى سرّ أسرار القرآن، وأعجب عجائب سر القرآن من الرايات والحواميم وما ذكر فيه من قاف والم وطسم، فعدّ علمها جهلاً، وظن مصون عجيبها مبتذلاً، وأراد ويله علم سر أنبائها، وما طواه الله إلاَّ عن الأصفياء في إيحائها، وكَلاَّ لم يجعله الله لعلمها أهلاً، ولم يجعل قلبه العميّ لها محلاً، بل أخفاه الله وزمّله ولم يعطه إلاَّ أهله» انتهى المراد. وفي الأم: إنبائهما وإيحائهما بالتثنية، ولكن من الواضح أنه غلط.
  وقال الإمام القاسم بن إبراهيم # في كتاب (مديح القرآن الكبير) [ص ٤٩٢] من مجموعِهِ # في مدح القرآن: «كيف بما في حواميمه من غرائب حكمه، وما في طواسينه [من] عجائب مكنونه، وما في ق، وطه، ويس، من علم جمّ للمتعلمين» انتهى المراد.