سورة البقرة
  
  وبيّن صفة المتقين التي انفردوا بها عن الكفار والمنافقين، فقال سبحانه:
  (٣) {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} يصدقون به ويذعنون له، وتقبله قلوبهم موقنة أنه الحق، و (الغيب) هنا هو ما أخبر الله به من المغيبات، ومن ذلك ما ذكره الله في آخر السورة: {آمَنَ الرَّسُولُ ...} الآية.
  {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} وإقامتها أن يحيوها، فيؤدوها قيّمة، أي خالصة لله كاملة فروضها وشروطها في أوقاتها، وهذه من خواص المؤمنين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[الأنعام: ٩٢] وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ...} إلى قوله: {... وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ}[التوبة: ٧١].
  وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ...} إلى قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[المؤمنون: ١ - ٩] وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...} إلى قوله تعالى: {... الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ}[الأنفال: ٢ - ٣] وغير ذلك.
  ولعل من إقامتها حضور الذهن فيها بحيث يعلم ما يقول، قال تعالى: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}[النساء: ٤٣].
  {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} مما رزقناهم مما أعطيناهم من المال، وهذا خاص بالحلال؛ لأن ما أخذه العبد غصباً مثلاً لا يقال فيه رزقه الله إياه، بل هو رزق لأهله، والمراد الإنفاق فيما أمر الله به، مثل ما في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ...} إلى قوله تعالى: {... وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ...} إلى قوله: {... وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} وقوله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.