سورة البقرة
  أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ٤ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٥ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ
  والإنفاق في وجوه الخير من علامات الإيمان والتقوى؛ لأن المؤمن المتقي يرجو الثواب وصرف العقاب فيبعثه ذلك على الإنفاق بخلاف المنافق والمكذب بالدين، وكذلك قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...} إلى قوله: {... أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ}[آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤] وقال تعالى في المكذب بالدين: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}[الحاقة: ٣٤] وقال في المنافقين: {وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة: ٥٤] وغير ذلك.
  (٤) {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} هذا عطف على {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} فهو من صفة المتقين، وقوله تعالى: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يعم القرآن، وما أوحاه الله إلى رسوله محمد ÷ من غيره، وقوله: {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} يعم التوراة والإنجيل، وكل ما أنزل الله مما ذكر في القرآن خصوصاً أو عموماً، والإيمان بها الإيمان بأنها من الله سبحانه، وأنها حق وصدق، واليقين بالآخرة يبعث على التقوى؛ لأن اليقين بما فيها من الجزاء لتلازمهما كما دل عليه القرآن.
  ومن أيقن بصدق الوعد والوعيد خاف من النار ورغب في الجنة، فبعثه ذلك على التقوى؛ ولأن اليقين بالآخرة من تمام الإيمان بالله وقدرته وعلمه وصدق وعده بالآخرة، ومن كان كذلك أيقن بصدق الوعد والوعيد بما في الآخرة، وذلك مع الإيمان به يؤدي إلى التقوى، فظهر بهذا أن هذه الآيات بيان للمتقين، في قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}.