التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة البقرة

صفحة 54 - الجزء 1

  عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٦ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٧ وَمِنَ


  (٦) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الكفر يستعمل في الجحود وفي كفر النعمة، وهاتان الآيتان في كفار معينين كافرين، الكفر الذي هو ضد الإيمان، والكفر الذي هو ضد الشكر.

  {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} فالإنذار لا يحدث لهم خوفاً يبعث على النظر في صدق الوعد والوعيد؛ لأنهم معرضون عنه كارهون له، فوجوده وعدمه سواء عليهم، ولذلك لا يؤمنون بما أمِروا بالإيمان به.

  (٧) {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} هذا تمثيل لها بالمسدودة التي هي غير مفتوحة للإيمان، فلا سبيل للإيمان ليدخلها، والختم: ما يجعل على فم القارورة أو نحوها من شمع أو طين أو نحو ذلك لإحكام سدّ فمها، فشبهت قلوبهم بذلك؛ لأن كفرهم سبّب لهم الخذلان وإرسال الشياطين عليهم كما قال تعالى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}⁣[مريم: ٨٣] وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ۝ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}⁣[الحج: ٣ - ٤].

  فصاروا بإرسال الشياطين عليهم يزينون لهم الباطل، ويثقلون عليهم الحق، ويكرِّهون إليهم الإيمان، كارهين للإيمان كراهة شديدة تحول بينهم وبينه، فكأنها ختم على قلوبهم يمنع دخول الإيمان فيها، أما نسبة ذلك إلى الله سبحانه ففيه فوائد:

  الفائدة الأولى: تعظيم هذا الختم والدلالة على قوته؛ لأن الله غالب على أمره.