التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 606 - الجزء 1

  يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ١٩٦ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ١٩٧ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ١٩٨


  وإليك صفة الكفار وعقباهم:

  (١٩٦ - ١٩٨) {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ} إن بعض الناس يغتر ببسط النعمة لأعداء الله، فيظن أن ما هم عليه من الكفر سهل لا يوجب عليهم غضب الله، وأن الله لو كان غاضباً عليهم ما أعطاهم، وهذا خطأ من الظن فالدنيا متاع قليل لا قدر له عند الله، لأنه لم يجعله دليلاً على رضاه أو عدم غضبه وإنما هو فتنة واختبار.

  ومعنى (تقلبهم في البلاد) تمكنهم من التنقل فيها لا يمنعهم سلطان المؤمنين ولا الخوف، وذلك لضعف المسلمين في وقت نزول هذه الآية، فالكفار يتنقلون لكسب الأرزاق حيث يشاءوا في بلادهم أو في بلاد العرب.

  ثم بين تعالى حقارة هذا التقلب، فقال تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} فهو حقير من حيث هو {مَتَاعٌ} قصير المدة يذهب عن قريب وحقير من حيث هو {قَلِيلٌ} في نفسه إما بالنسبة إلى ما يعتاد للبشر في هذه الحياة، وإما بالنسبة إلى نعيم الجنة {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} حيث يصير متاع الدنيا كأن لم يكن، بل أشد من ذلك أنه ينقلب وبالاً عليهم بكفرهم لنعم الله وتعذيبهم على كفر النعمة وبسوء تصرفهم في الدنيا باستعمال النعم في المعاصي كالربا، وبتحريم ما أحل الله وغير ذلك.

  {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} جهنم؛ لأن المهاد هو الفراش الذي يمهد للراحة عليه أو النوم لكن جهنم نار الله لا راحة فيها ولا نوم، ولكن عذاب أليم،