التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 607 - الجزء 1

  وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ١٩٩ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٢٠٠


  وهم مهدوها لأنفسهم بكفرهم، فبئس المهاد هي اتخذوها بدلاً من أن يمهدوا لأنفسهم مكاناً ينجون فيه من العذاب.

  {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} {لَكِنِ} كلمة استدراك، وهي تفيد: المقارنة بين العاقبتين، فعاقبة الكفار الممكنين في الدنيا جهنم، وعاقبة المتقين الجنة سواء مكنوا في الدنيا أم لا، فليس المهم الدنيا وتمكنها أو قلة حالها إنما المهم العاقبة لأنها الدائمة، إما شقوة دائمة وإما سعادة دائمة، والدوام أمر عظيم عند من يتفكر فيه وينسب إليه الدنيا الحقيرة الفانية.

  {خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} {خَالِدِينَ فِيهَا} باقين فيها لا يموتون {نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فهم كالوفد المكرم الذي يقدم له عند نزوله الطعام والشراب، لكن الجنات نزل من عند الله أكرم الأكرمين فضيافته أعظم ضيافة.

  {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ} لأنه الثواب العظيم الدائم والفضل العظيم الذي لا ينقطع، كيف لا وقد قال فيه سبحانه: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}⁣[الإنسان: ٢٠] فالتمكين في الدنيا لا يقاس به ولاسيما تمكين الكفار الذي عاقبته النار؛ والأبرار ضد الفجار وهم المؤمنون المطيعون لله ورسوله.

  (١٩٩) {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ