التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النساء

صفحة 11 - الجزء 2

  الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ٦ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ


  وقوله تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} أي في أموالكم وذلك إذا سلمت التبذير أمكن أن تكون رأس مال ترزقونهم من أرباحه أو يُشتَرى بها مالٌ ترزقونهم من غلوله أو كرائه، فيكون لهم فيها رزق مع بقاء رأس المال، هذا إذا كانت نقداً، فأما إذا كانت حرثاً أو غيره مما له غلول فرزقهم فيها رزقُهم من غلولها مع بقاء رقاب المال.

  والرزق: هو العطاء الجاري وهو هنا عبارة عن المأكول ونحوه من المتلفات، بقرينة قوله: {وَاكْسُوهُمْ} وهذا فيمن تجب نفقته من القرابة وغيرهم، فأما من لا قرابة بينك وبينه، فالوجوب على قرابته إن أعسر، فأما من لا قرابة له فعلى المسلمين من مال المصالح، فالآية عامة للناس، وتخصيص القرابة بالآيات الأُخَر.

  {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا} قولاً ليّناً رفيقاً، والمجانين داخلون في عموم الآية أو لاحقون بقياس الأولى؛ لأنهم أشد ضعفاً، ويترجح: أن الآية في سفهاء العقول الذين لا يستطيعون التدبير لمصالحهم فأما سفهاء الرأي المهملون لعقولهم مع صحتها فليسوا مظنة أن يقال فيهم: وارزقوهم فيها واكسوهم تبعاً لسفاهتهم، إنما يكون ذلك لمجرد الإعسار.

  (٦) {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} لتعرفوا رشدهم إن كانوا رشيدين