سورة النساء
  
  وسفاهتَهم إن كانوا سفهاء {حَتَّى} غايةٌ للإختبار، والشرطُ الأول هو (إذا) والشرط الثاني وجزاؤه هما جواب الشرط الأول، وهما غاية الإختبار وشرط تسليم أموالهم إليهم، وبلوغ النكاح: بلوغ القوة والحاجة إلى النكاح وقت إنزال المني عند النكاح.
  {فَإِنْ آَنَسْتُمْ} أدركتم وعرفتم، وعبارة الإيناس تفيد: أن الرشد مطلوب كما هو شأن من لا يطمع في مال اليتيم، والرشدُ: صواب الرأي في التصرف في المال، ويكفي من الرشد القليل؛ لقوله تعالى: {رُشْدًا} فمتى دلَّ الإختبار على وجود معرفةٍ للرأي السديد في الإنفاق، وجب بعد بلوغ اليتيم تسليمُ ماله إليه كله.
  {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} {إِسْرَافًا} مجاوزةً للحق الذي حدَّه الشرع، والبِدار: المبادرة والمسابقة إلى أكله قبل أن يكبر اليتيم، أي مبادرة كبر اليتيم {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا} له مال يقيمه {فَلْيَسْتَعْفِفْ} عن الحرام عن أكل مال اليتيم وغيره من الحرام وما يعاب أكله، والإستعفاف: التنزُّه، وفي معلقة عنتره:
  يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم
  {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا} محتاجاً حاجةً ماسَّةً لقُوت أو سترِ عورة أو نحو ذلك من الضروريات له أو لعائلته زوجته وأولاده الصغار، وحاصلها: ما يبعث الخائف على ذمته وعرضه إلى أن يقترض أو يسأل فهو فقير ومفتقر ومحتاج، ولا يقال له في اللغة غني ما دام هكذا، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ ...} إلى قوله تعالى: {... إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ}[التوبة: ٩١ - ٩٣] أي يجدون ما ينفقون على أنفسهم في الجهاد راحلةً وزاداً.